مشكلتنا الرئيسية ليست في غلاء الأسعار، أو حتى في البطالة، أو عدم توافر فرص للعمل؛ فالمجال مفتوح على مصراعيه لمن أراد، إنما هي في الفكر وانعدام ثقافة القبول بخصوص مستوى المعيشة التي يعيشها بعضنا، ممن يتوهمون أنهم ميسورو الحال، بينما أغلبهم قد يكون غير ذلك؛ ما ينتج منه كثير من التصرفات والقرارات الخاطئة التي تفضي للعديد من الالتزامات وهدر المصروفات، التي تُستنزف تبعاً للمظاهر الفضفاضة والشكليات الخادعة، التي تسبب لهم المزيد من العجز في ميزانياتهم "الشهرية" والأسرية والشخصية طوال الوقت..!!
فمثلاً، لو أن كل شخص منا أدرك "حقيقة" أنه مجرد إنسان بسيط، وعلى "قد حاله"، يعيش على ضفاف الرضا وسواحل البساطة وشواطئ الستر، فإن الكثير من مشاكلنا المادية وأمورنا الاقتصادية في الحياة ستُحلّ تدريجياً بالمد والجزر؛ ما يجعلنا نصل لقناعة أن هناك الكثير من الأشياء ليست من الضروريات، وليس لزاماً علينا شراؤها..!!
ومتى تغير فكرنا ونظرتنا للأفضل وأسلوبنا الحالي مع ظروف كل منا فإننا سنقبل حتماً بالواقع، وذلك بالعمل أياً كان هو، في البناء والتحميل والبيع والتوزيع أو السمكرة والسباكة والخياطة أو المحاسبة في المطاعم أو مجال النظافة وغسيل الملابس والسيارات والعمل في صالونات الحلاقة..!!
كما أن أصحاب الرواتب المتدنية والمداخيل البسيطة لماذا يُحملون أنفسهم فوق طاقتها الشرائية؛ وبالتالي الوصول إلى الاستدانة من أجل ذلك حتى بلوغ الحلقة ما قبل الأخيرة من مأزق الإعسار في النهاية؟.. إذ ليس شرطاً أن يكون لدينا سيارات آخر موديل أسوة بالمقتدرين دون أن نكتفى بسياراتنا القديمة نوعاً ما! ولماذا نحاول بناء بيوت فارهة تكلّف الملايين من الريالات، وغيرها من الممتلكات الأخرى الصعبة المنال وفقاً لمخصصاتنا وحالاتنا المادية المتواضعة..!!
فالإنسان منا عليه ألا يكلّف نفسه فوق طاقتها؛ حتى لا يساعد التجار على جشعهم وتجاوزاتهم "دون رقابة" في رفع الأسعار، وذلك عن طريق الاكتفاء الذاتي بالأساسيات والضروريات المهمة وحسب، وعليه أيضاً - على سبيل المثال لا الحصر - أن يحافظ على الأجهزة المنزلية قدر الإمكان؛ حتى لا يضطر لتغييرها بمعدل مرتَيْن في السنة؛ ما يسبب له عجزاً في ميزانيته المنزلية على حساب مقتنيات واحتياجات أخرى..!!
وكذلك عليه التمسك بسيارته الحالية مهما كانت أعطالها أطول وقت ممكن، وهو الأمر الذي سيجعل من شركات السيارات ومعارض بيع السيارات الجديدة تخطب وده "بالفعل" بأفضل الأسعار حينما تتراجع مبيعاتها وتتكدس لديها الموديلات الحديثة عاماً بعد عام، والكلام ينطبق على مجال العقار والأراضي حينما يصرفون النظر عن شرائها فترة ثلاث سنوات قادمة؛ فستكون الأسعار مختلفة جداً عما عليه الآن..!!
حري بالقول أن الحل الحقيقي لكل مشاكلنا الاقتصادية والمادية في الحياة أن يرضى كل إنسان بواقعه، ويعيشه وفقاً لظروفه المادية؛ فلا يُحمّل نفسه قوة شرائية أكبر مما تحتمل، ولا يرهق نفسه بمحاولة الوصول لما وصل إليه الآخرون، ممن هم أفضل دخلاً وأيسر منه مادياً..!!
http://sabq.org/rc1aCd