العاصمةالجديدة بررعمسيس:
في أول حكم الفرعون رمسيس الثانى كانت العاصمة في (طيبة) ولكنه بعد سنوات قليلة بدأ في إنشاء عاصمة جديدةسماها بررعمسيس مرى آمون أي ( بيت رمسيس محبوب آمون).
وقداختلف علماء الأثار المصرية حول موقع المدينة رأي يقول
*** إنها في تانيس (صان الحجر ) على الفرع التانيسي للنيل 20 كيلو متراً جنوب بحيرة المنزلة، وقد وجد العالم ( مونتييه ) عدداً من التماثيل واللوحات تحمل خراطيش رمسيس الثاني وخلفائه، ومنها وجود نقش على قطعة حجر من معبد تانيس الكبير جاء فيه ( صاحب بررعمسيس. مرى آمون. صاحب الانتصارات العظيمة )،
*** إنها قنتير الحالية وأفاريس القديمة : استقرت آراءغالبية علماء الآثار على الرأي الثاني وهو أن بي أو بررعمسيس تشمل قنتير الحاليةوأفاريس القديمة على بعد 9 كيلو مترات شمال شرق فاقوس على مصرف بحر فاقوس الحالي والذي كان مكانه الفرع البيلوزي للنيل وهو آخر الفروع من ناحية الشرق ، وقد وجدت أدلة كثيرة تساند هذا الرأي (محمد بيومي مهران. مصر والشرق الأدنى القديم جـ 3 ص 286) مثل وجود بقايا كثيرة في الحقول والمنازل عليها اسم رمسيس الثاني. كما توجدأجزاء لقصر جميل عليها اسمه أيضاً، كما يوجد بقايا معبد للآلهة أمون وبتاح ومسوتخ،كما توجد آثار تحمل بعض أسماء كبار موظفي رمسيس الثاني مما يدل على أن الإدارةالحكومية كانت هناك، كما أن المدينتين (بررعمسيس) و(تانيس) قد ذكرتا في بعض البرديات منفصلتين مما يدل على أن المصري القديم نفسه قد فرق بينهما،
وفي وصف هذه العاصمة الجديدة وجد خطاب كتبه أحد الأشخاص يقول فيه: إنني وصلت (بررعمسيس) وقد ألفيتها غاية في الازدهار. حقاً إن موقعها جميل منقطع النظير، وقد أقامها (رع) نفسه، ومقر الملك، تحب الإقامة فيه، فحقوله مملوءةبكل شيء طريف ومجهز بالأغذية الوفيرة يومياً. ومياهه الخلفية تزخر بالسمك، وبركهمزدحمة بالطيور ومراعيه نضرة أعشابها. وطعم فاكهته المغروسة في حقوله كالشهد بعينه،ومخازن غلاله مكدسة بالقمح والشعير وتناهض عنان السماء في ارتفاعها والبصل والكراتفي الحقول، وفيها الرمان والتفاح والزيتون والتين في البستان، ويستمر في الوصف ثميقول حقاً إن الإنسان ليبتهج بالسكنى فيه.
ويوجد وصف ثان على بردية أخرى: لقد شيد جلالته لنفسه قلعة اسمها ( عظيم الانتصارات ) بررعمسيس وتقع بين زاهى ( صحراء شرق الدلتا ) وأرض الدميرة ( مصر ) وهي تزخر بالطعام والمؤن،والشمس تشرق في الأفق منها ثم تغرب ثانية فيها، وقد هجر كل إنسان بلدته وسكن في أرجائها، وحيها الغربي هو ( بيت آمون ) وحيها الجنوبي هو ( بيت سوتخ ) والإله (رع) في شرقها والإله ( بوتو) في حيها الشمالي أي أن المدينة كان بها أربعة أحياء وفي كل حي معبد لكل من الآلهة الأربعة السابق ذكرها وفي منتصف المدينة يوجد قصر الملك وبجوراه بحيرة تتصل بقناة تأخذ مياهها من الفرع البيلوزي للنيل وكانت البحيرة خاصةبعائلة الفرعون، وكان القصر الملكي يرتفع فوق ما حوله من أرض وله أعمدة حجريةوحوائطه مبنية بالطوب اللبن ولكنها مغطاة ببلاط من خزف عليه زخارف ورسومات وكانت الرسومات في قاعة العرش تصور الأسرى من الأعداء والوفود الأجنبية وهي تقدم الجزيةوأسود تأكل المساجين كل ذلك مما يبعث الرهبة في نفوس الزائرين أما الجزء المخصص للحريم فكانت زخارفه مناظر مبهجة مثل الأزهار والأسماك الملونة وعذارى مسترخيات كلذلك بألوان جميلة مثل التركواز واللازورد والقرمزي وحول القصر وإلى الشمال الغربييوجد حي لعظماء القوم من الأفراد والكهنة والوزراء.
وكان بالمدينة حديقة حيوان وقد وجدت عظام أسود وغزلان وزراف وفيلة، ثم خارج ذلك كله توجدساحات لمران الجند وثكنات لإقامتهم ومباني الإداريين ومباني للمخطوطات والسجلات ومساحات للأسواق وميناء ومخازن للقمح ومستودعات للأغذية والنبيذ. كل ذلك يعكس النشاط والازدهار التي كانت عليه المدينة وقد بقيت فترة الازدهار مدة طويلة بعدرمسيس الثاني
ثم حدث بعد ذلك بدأ فرع النيل البيلوزييغيّر مجراه في اتجاه الشمال وبَعُد عن المدينة ففقدت بررعمسيس رونقها وأهميتها،واتخذ ملوك الأسرة 21 من تانيس عاصمة لهم وبدلاً من قطع أحجار جديدة من المحاجرالبعيدة نسبياً فإنهم أخذوا أحجاراً لمبانيهم من المباني التي كانت مقامة فيبررعمسيس واستعملوها في بناء معابد عاصمتهم الجديدة ولعل ذلك هو سبب الخلط بين المدينتين وأيهما بررعمسيس التي كانت عاصمة رمسيس الثاني، إذ أن الأحجار التي أخذت لبناء تانيس كان على كثير منها اسم رمسيس الثاني.
بل إنفراعين الأسرة 21 نقلوا عدداً كبيراً من المسلات التي كان رمسيس الثاني قد أقامهافي بررعمسيس وكانت تبلغ 24 مسلة أو تزيد وكذلك نقلوا عدداً كبيراً من تماثيله وتكسربعضها أثناء نقله فتُرك مكانه. ولذلك فإن ما بقي من آثار في قنتير هو عبارة عن حطاممعابد ومسلات وقصور ولكنه يشير إلى العز الذي رأته هذه المدينة في عهد رمسيسالثاني. تخطيط لمدينة بر رعمسيس (نقلاً عن كتاب فرعون المنتصر ـ تأليف كتشن ـ معبعض التعديلات) وإلى الجنوب الشرقي من المدينة كانت تقع أفاريس القديمة وهي تقع علىحافة أرض جوشن ( جاسان) التي كان يقطنها بنو إسرائيل، وكان في أفاريس بعض بيوتللعمال من بني إسرائيل الذين كانوا يعملون في المباني والإنشاءات في بررعمسيس.
وأفاريس القديمة هي المعروفة في التوراة باسم صوعن Zoan والمذكور ( عدد 12: 22) أن مدينة حبرون بنيت قبلها بسبع سنين وكانت من مراكز عبادةالإله ست ( مسوتخ ) وقد أقام سيتي الأول فيها معبداً للإله ست وسّه فيما بعد رمسيسالثاني ولما بنيت بررعمسيس لتشمل المنطقة من شمال قنتير إلى أفاريس أصبح معبد سوتخفي جنوب القصر الملكي. وفي أسباب اختياره لهذا المكان للعاصمة الجديدة قالوا إنهاتقع في موطن أسرته الأصلي، وفي موضع قريب من بقية أملاك الإمبراطورية في آسيا. ومنها البعد عن نفوذ كهنة آمون في طيبة بعد أن زاد سلطانهم، وأخذوا يتدخلون في شؤونالدولة السياسية والاقتصادية وقد أصاب ذلك طيبة بهزة عنيفة في مركزها السياسي وإنظلت تحتفظ بمكانتها الدينية. ولما كانت العاصمة الجديدة قريبة من أرض جوشن – مكانإقامة بني إسرائيل فقد كان من الطبيعي أن يستخدمهم في بناء المدينة، وهذا ما أشارتإليه التوراة ( إصحاح أول خروج: 11) إذ تقول: فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهمبأثقالهم فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس وجاء في تفسير الكتاب المقدس ( ص 406) عن بررعمسيس: هي مدينة في أخصب منطقة في البلاد، وهذه المنطقة اسمها أرض جاسانسكنها بنو إسرائيل بأمر من فرعون وبنى رمسيس الثاني في حدود مصر الشرقية وسماهاباسمه.